لك أن تتخيل عزيزي القارئ أن الرغبة في نقل الأغاني من الهاتف المحمول إلى جهاز التابلت (Tablet) ستجعلك تقطع البحار والمحيطات وتتنقل بين عدة دول! هذه القصة الملهمة والطريفة في العمل عن بعد هي قصة ماجد الهاجري، شاب يمني طموح يعيش في كندا، لجأ للعمل عن بعد بشكليه: الدوام الكامل، والعمل الحر (Freelancing). سوف يخبرنا ماجد عن رحلته المهنية وعن العمل عن بعد، وأيضًا عن كيفية مشاركة الأعمال الخاصة بنا للحصول على وظائف عن بعد.
أهلًا بك. لقد كان معي في البداية هاتف جالكسي نيكسس أندرويد (Galaxy Nexus Android)، واشتريت أيضًا نيكسس أندرويد تابلت ( Nexus Android Tablet)، وكنت أريد نقل بعض الأغاني من هاتفي إلى التابلت (Tablet)، كان أمامي خيارين فقط: أن أنقل الأغاني عن طريق البلوتوث (Bluetooth) الذي يبلغ حجمه 2 جيجا بايت (2GB) وهذا سيأخذ وقتًا كبيرًا جدًا، أو أن أنقل الملفات من الهاتف إلى الحاسوب ثم أشبك التابلت (Tablet) في جهاز الحاسوب؛ لنقل الملفات إليه، وهذا الحل يستهلك وقتًا أيضًا. فخطرت لي فكرة أن أصمم برنامجًا ينقل الملفات عن طريق الواي فاي (Wi-Fi). كنت أركّز في البداية على الملفات الصوتية، ثم تطورت وأصبحت أنقل صورًا وفيديوهات (Videos)، وأُعجِب أصدقائي بفكرة البرنامج واقترحوا أن أحولها إلى تطبيق وأرفعها على متجر التطبيقات. وهكذا تدرجت في العمل من الصيف وحتى بداية سنة 2012، وكان اسم التطبيق سوبربينج (Superbeing)، فكرته بسيطة جدًا: إذا كان لديك ملفات وتريد إرسالها إلى جهازٍ آخر وكنت متصلًا بالواي فاي (Wi-Fi) فعليك تشغيل التطبيق في الجهازين وربطهما ببعض. في البداية كان يجب أن تُدخل عنوان الآي بي (IP address) الخاص بالجهاز الأول، ثم تطور البرنامج وأصبح أحد الجهازين يقوم بإرسال رمز الاستجابة السريعة (QR) -تمامًا مثل الرمز الشريطي (Barcode)- ثم يقوم الجهاز الثاني بعمل مسح لهذا الرمز؛ ليكون العنوان بذلك موجودًا في رمز الاستجابة السريعة (QR) بدلًا من كتابة عنوان الآي بي (IP address) بنفسك. ثم تطورت الأمور، فمثلًا لو كنت تريد نقل ملفات من جهازك إلى جهاز آخر ولم يكن التطبيق موجودًا فيه ولا تستطيع أن تقوم بتحميله من المتجر أو لا يوجد لديك واي فاي (Wi-Fi) مثلًا؛ فإن أحد الجهازين يصبح نقطة اتصال (Hotspot) ليتمكن الجهاز الثاني من الإتصال به، أو يمكنك ربط الجهازين تلقائيًا. ومع الوقت تطور التطبيق واشتُهر وأصبح هناك مستخدمون للتطبيق، وبدأت تأتيني عروض من شركات مهتمة وكان منهم من يريدون التطبيق لاستخدامه في هواتفهم الجديدة والبعض الآخر يريد شراء التطبيق، ولكن لم أتفق مع أي أحد منهم؛ بسبب بعض العثرات والأمور الشائكة بيننا في نقاط معينة. إلى أن جاء اليوم الذي تلقيت فيه اتصال من شركة في كندا في بداية سنة 2014 أخبروني أنهم يريدون شراء التطبيق وتوقيع عقدٍ معي، وبدأنا نتناقش حول عدة أمور.
أخي مازن، حيث بدأنا عمل التطبيق على جهاز الحاسوب مستخدمين الويندوز (Windows) بدلًا من اللينكس (Linux). وأصبحنا نتفاوض مع الشركة حتى بداية 2013 في شهر 4 تحديدًا حيث طلبوا منا الذهاب إلى كندا للتوقيع والاتفاق على النقاط النهائية. كان العقد يشمل أن نعمل معهم ولكن أخي مازن لم يستطع أن يُكمل؛ فبدأت وحدي بالعمل معهم، وهنا بدأ مشواري مع الشركة. كنت أقوم بدعم وتطوير وتصليح وإضافة أشياء جديدة للتطبيق، أما هم فكانت لديهم أدواتهم التكنولوجية التي أرادوا أن يطوروا فيها التطبيق والتسويق مثل تسريع الاتصال وتحسين خدمة الإنترنت بشكل عام في الأجهزة. ثم تطورت علاقتي بهم وطلبوا مني أن أنتقل إلى كندا، ولكن بدأت هنا مشاكل تأشيرة السفر؛ فعملت معهم عن بعد بدوام كامل، وكانت أطول تجربة لي في مجال العمل عن بعد بدوامٍ كامل مع شركة في الطرف الآخر من العالم. وعندما أنهيت أمور التأشيرة انتقلت إلى كندا مباشرة.
نعم هذا صحيح.
نعم كانوا يتوقعون أنّ المدة ستكون 6 أشهر تقريبًا.
استمر عملي عن بعد معهم بدوام كامل حوالي سنة وثمانية أشهر.
نعم شعرت بذلك أحيانًا، فهناك سلبية للعمل عن بعد وهي عدم معرفة تعابير وجه ومشاعر الذي تعمل معه، فلا تستطيع أن تعرف إن كان سعيدًا أو غاضبًا.. إلخ. يؤثر هذا الأمر على أداءك في العمل أيضًا، فقد كان يأتيني شعور بأنهم بالتأكيد غيروا رأيهم أو لم يعودوا يريدون العمل معي، خصوصًا أن الإنتاجية تكون أفضل بالعمل المكتبي منه عن بعد، ولكن بشكل عام أغلب المهام التي عملت عليها كان يمكن تنفيذها عن بعد، مع أنني كنت أُفضّل أن أكون موجودًا للعمل هناك.
نعم أوافقك بشدة، وكما ذكرت فإن العمل وجهًا لوجه داخل المكتب مثلًا ورؤية التعابير والمشاعر سيعطيك فكرة أفضل عن مشاعر الشخص الذي تعمل معه أو الأفكار التي يريد إيصالها.
أعتقد أنه التحدي، فكل مشروع مختلف جذريًا عن غيره في العمل الحر كمستقل (Freelancer)، ومن الممكن أن تعمل على مشاريع مختلفة في نفس الوقت، وأيضًا هناك تغيير في نوعية الناس الذين تتعامل معهم. أما العمل اليومي ففيه نوع من الملل؛ لأنك تقوم بعمل نفس الشيء يوميًا مع وجود تغييرات بسيطة فقط. ليس بالضرورة أن يكون هذا شيئًا ايجابيًا في العمل الحر ولكن أعتقد أن هذا هو الفرق الجوهري بينهما.
نعم، ولكن كان هذا قراري ولم يُفرَض علي؛ لأنني كنت أريد إنجاز العمل بشكل أفضل، خاصةً إذا احتجت لشيء معين من أحد الزملاء مثل إمكانية الوصول إلى نظام معين أو شراء منتج معين أو أي شيء آخر، فمن المهم أن نكون موجودين في نفس الوقت لإنجاز أكبر قدر من العمل.
نعم كنت الوحيد الذي يعمل عن بعد خارج كندا، وكان نظام الشركة مرن من ناحية ساعات العمل فتستطيع مثلًا بدء العمل الساعة 10 صباحًا والانتهاء الساعة 6 مساءً، أو أن تبدأ الساعة 11 صباحًا وتنتهي الساعة 7 مساءً، فلديك الحرية باختيار ساعات العمل في غالبية الأيام ما عدا أيام الاجتماعات مثلًا، وغالبًا ما تكون هذه الاجتماعات في حدود الساعة 2 مساءً أو 3 مساءً لكي يكون معظم الموظفين موجودين. ولا توجد أي مشكلة في أن يعمل الموظف ليومين أو ثلاثة أيام في الشهر من البيت.
نعم شعرت بهذا الشيء، وكما قلت سابقًا العمل عن بعد يؤثر في الإنتاجية، ونوع العمل والإدارة يؤثران كذلك، ولكن بشكل عام الإنتاجية تقل في العمل عن بعد.
نعم صحيح، أو هل عملي جيد أم لا؟ أو هل أُعجب فلان أم لا؟
قابلت ثلاثة أشخاص من الفريق الذي عملت معه، أما الثلاثة الآخرين فلم أقابلهم إلا عندما جئت إلى كندا.
نعم، فقد كان هناك شخص أعمل معه وكنت أعرفه شخصيًا ولكنه خرج من الشركة فيما بعد فاضطرت إلى العمل مع شخص آخر لم أقابله من قبل، وكان الموضوع صعبًا بالنسبة لي.
لا أواجه أي مشاكل، فقد كنت طوال فترة عملي عن بعد في الأردن بسبب الأوضاع السياسية في اليمن وإغلاق القنصلية الكندية فيها، وكان من الصعب أن أفتح حسابًا بنكيًا في الأردن؛ بسبب الوضع السياسي في اليمن، فلم آخذ راتب لمدة 3 أشهر وطلبت منهم أن يحتفظوا به إلى أن أتمكن من فتح الحساب. كانت هذه هي المشكلة الوحيدة تقريبًا ولكنها لم تكن من طرفهم بل كانت بسبب أوضاع المنطقة.
أعتقد أنه شر لا بد منه؛ فمن الممكن أنك تعمل بشكل جيد وكل الأمور على ما يرام، ولكن فجأة تتغير كل القوانين. يمكنك حل هذه المشكلة بطريقة معينة قدر الإمكان ولكنك ستصل إلى طريق مسدود لاحقًا لأنك لا تستطيع أن تفعل أكثر من ذلك، فهذا هو الموجود.
كما ذكرت سابقًا فإن الإنتاجية تقل بالعمل عن بعد، فمثلًا إذا أردتُ الحصول على معلومة معينة وتواصلت مع زميلي في العمل عبر سلاك (Slack) أو سكايب (Skype) فإنه يحتاج إلى الكثير من الوقت ليستجيب، بينما تستطيع في العمل المكتبي أن تذهب إليه مباشرة وتأخذ المعلومات التي تريدها بسرعة. أما من الناحية الاجتماعية، فمن الصعب أن تكوِّن صداقات في العمل عن بعد مقارنة بالعمل التقليدي الذي تقابل فيه زملاءك يوميًا وتتحدث معهم؛ لأن طبيعة العمل عن بعد تقتضي منك أن تمضي معظم وقتك في العمل فيقلل هذا من الدائرة الاجتماعية حولك. وأيضًا فإن اختلاف المناطق الزمنية يؤثر على جدول النوم بالنسبة لي، فمثلًا كانت ابنتي تذهب إلى المدرسة صباحًا بينما أنتهي أنا من العمل الساعة 12 ليلًا؛ فيتوجب عليّ أن أستيقظ باكرًا. أما في فترة إجازة ابنتي فقد كان الدوام ممتازًا، فمثلًا كنت أنام الساعة 12 ليلًا وأستيقظ الساعة 9 صباحًا وكنت مُتفرِغًا؛ فكنت أذهب إلى النادي الرياضي الذي يكون فارغًا في ذلك الوقت لأن معظم الشباب في عملهم، هذا الأمر يُعتَبَر جيدًا بالنسبة للشخص الغير المتزوج. أيضًا يوجد مشكلة أخرى وهي الإجازات كالعيد، فيكون الجميع في إجازة إلا أنت، ولكن يعتمد ذلك على علاقتك مع شركتك؛ فيمكنك التفاهم معهم على الإجازة بأن تخبرهم قبل أيام من ذلك مثلًا، ولكن لا توجد إجازات في معظم عقود العمل الحر ويتم محاسبة الموظف بالساعة، فإذا أردت أخذ إجازة يُخصَم ذلك من المبلغ الذي تحصل عليه. بينما يمكنك أخذ جميع حقوقك في العمل عن بعد بدوام كامل تمامًا مثل الموظف المكتبي لديهم، مثل الإجازات المرضية وغيرها، أما إجازة العيد فهي إجازة غير مخططة بالنسبة لهم وقد لا يوافقون؛ بسبب وجود مشروع يجب أن يتم تسليمه في وقت معين وهكذا.
بالفعل كما ذكرت العائلة تنظّم الوقت، ولكن قبل الزواج كنت أعاني من هذه المشكلة صراحةً، وكنت أيضًا أعمل عملًا حرًا بنظام العقود، وكما تعلم فأنت مُعرّض في هذا النظام للفصل في أي لحظة، وهذا الشعور يولِّد بداخلك الخوف وعدم الاطمئنان، خصوصًا إذا قالوا لك أن عملك ليس بالمستوى المطلوب؛ فهذا سيشعرك بنقص الأداء لديك وبالتأكيد سيقومون بفسخ عقد العمل معك. لذا من الطبيعي أن تضع ساعات أطول للعمل وتضيف بعض الأشياء لتحسين جودة عملك. فأعتقد أنه من الصعب إجابتك على هذا السؤال ولكن أعتقد أن هذا يعتمد على نوع علاقتك مع الشركة ونوع العمل... إلخ.
هذا صحيح.
نعم صحيح. وهذا شيء مهم لمن يريد أن يعمل عن بعد، فلا بُدَّ أن يعرف أن عمله لن يذهب سدى، وهم كما تفضلت لا يوظفون أحدًا عن بعد إلا إذا تأكدوا من قيام هذا الشخص بالعمل بشكل جيد، وإلا قاموا بتوظيف شخص آخر من أي مكان.
نعم هذا سؤال مهم حقيقةً؛ ففي الفترة التي كنت أعمل فيها عن بعد، كنت أعمل في مكتب منزلي، وكانت زوجتي أو والديّ يطلبون مساعدتي؛ لأنني كنت دائمًا في متناول اليد، وكانوا يتفهمون أنني أعمل. ولكن المشكلة كانت مع الأطفال؛ فهم يريدون دائمًا أن أكون معهم وألعب معهم، ولم يكونوا واعيين كفاية لفهم عملي أو أنني أعمل في هذا الوقت. فكانت هذه أكبر صعوبة تواجهني، ثم في الأردن أصبحت هناك مكاتب افتراضية يمكن استئجارها.
كانت مقاهي للعمل، فهي كالمقهى (Coffee Shop) ولكن يتم تهيئتها للأشخاص الذين يدرسون أو يعملون أو لديهم اجتماعات. كان هذا المشروع في بدايته عندما قَدِمتُ إلى عمّان، وكان الطلاب يحتاجون إلى أماكن هادئة للدراسة بدلًا من استئجار غرفة في فندق مثلًا والتي تحتاج إلى مبلغ كبير. لذا عندما بدأ هذا المشروع بدأتُ ارتياد مقهى عمل قريب مني واستأجرت مكانًا معينًا فيه وبدأت أذهب للعمل كل يوم فأصبح هناك شعور لدى الأطفال أن أبي يخرج للعمل وهكذا.
هذا صحيح، وهي نصيحة قالها لي أستاذي في جامعة ألفريد (Alfred) حيث قال: "ماجد لا تجعل المكان الذي تعمل منه نفس المكان الذي تنام فيه".
نعم، أنا مؤمن بها بنسبة 100%، وعندما بدأت العمل في المكتب الافتراضي شعرت بهذا الشيء فعلى الأقل تقابل أشخاصًا جددًا أو أشخاصًا تعرفهم بغض النظر عمّا إذا كنت تعمل معهم أم لا.
نعم صحيح، فلقد كونت صداقات جديدة بسبب ذهابي إلى العمل في المكتب الافتراضي.
بعد تجربة العمل من المكتب الافتراضي لا أعتقد أن مكتب البيت أفضل نهائيًا. حتى إنني في مدينة أوتاوا أقوم بأخذ حاسوبي الشخصي في نهاية الأسبوع مثلًا وأذهب إلى أي فرع لستاربكس (Starbucks) وأعمل من هناك.
أعتقد بأنه نفسي، فمنزلي أهدأ بكثير من ستاربكس (Starbucks) ولكن أشعر بأني خرجت من البيت لإنجاز عمل وهدف معين.
نعم، بدلًا من الجلوس في المنزل والعمل بالملابس المنزلية.
نعم شاهدته هههه.
نعم، ولكن بعد وقت طويل لأن حالتي كانت خاصة؛ فقد كنت أتابع التأشيرات ولم أكن أعرف المدة التي سأقضيها في عمّان، فكنت استأجر منزلًا ثم أنتقل إلى آخر. ولكن مع الوقت أصبح لدي روتيني الخاص كما ذكرتُ لك؛ فدوام ابنتي في المدرسة هي النقطة الفارقة التي جعلتني أُحدد وقت عملي.
الموضوع بالنسبة لي استراتيجي أكثر، فمثلًا إن كان لدي تسليم مشروع فإن وقت الليل ضيق كما تعلم ولا أستطيع العمل بشكل أفضل فيه؛ فكنت أضع المهمات التي تتطلب جهدًا ذهنيًا عاليًا في الصباح والمهمات الأخرى والاجتماعات وغيرها في المساء، ولم أكن أحسب ساعات العمل في الصباح لأن الدوام يبدأ من الساعة 4 مساءً إلى الساعة 11 مساءً. وكنت أنظم في نفس الوقت ساعات العمل فمثلًا الأمور التي يتطلب العمل عليها ساعة في الصباح أخصص لها 3 ساعات في المساء، والأهم أن كل هذا يعتمد على ديناميكية العمل أو الفريق نفسه. واختصارًا للجواب فنادرًا ما كنت أتبع هذه الاستراتيجية إلا إن اضطررت إليها.
لا.
شعرت أن العمل أصبح أسهل بسبب شعور البطة السوداء الذي كان لدي؛ فأنا لم أشعر بالإنتاجية في العمل عن بعد، وكان الضغط أقل عندما انتقلت إلى كندا مع أنني واجهت بعض الصعوبات، خصوصًا أنني انتقلت حديثًا وواجهت ثقافة مختلفة وأمورًا أخرى. وأصبحتُ أيضًا أتراخى أكثر في العمل، ولكن هذا التراخي يجب أن نضع تحته خطوطًا حمراء لأنّ السبب فيه هو أنني كنت أعمل بشكل أكبر نسبةً للفترة التي عملت فيها عن بعد، لذا فإن التراخي هنا ليس أمرًا سيئًا.
هناك شيء لم أذكره وهو أن الدوام في كندا كان من يوم الإثنين وحتى الجمعة؛ لذا فإن يوم السبت هو اليوم الذي يصادف الإجازة مع الشركة عندما كنت في الأردن؛ فكان من الصعب عليّ أن أجد وقتًا أكبر مع العائلة مثلًا، ولكنني كنت أستغل هذا الشيء لأخرج مع زوجتي والأولاد، أما الأصدقاء فقد كان الموضوع صعبًا جدًا. اختلف الوضع عندما انتقلت إلى كندا؛ لأن الجميع لديه نفس أيام الإجازة لذا نستطيع أن نخرج مع بعضنا البعض، فمثلًا من الصعب أن أتواصل مع أصدقائي من اليمن أو السعودية أو الأردن؛ بسبب الفارق الزمني، أما هنا في كندا فمن السهل جدًا الخروج مع الأصدقاء إلى أي مكان أو التعرف على أناس جدد.
نعم، أعتقد أنه أفضل.
هذا السؤال مهم، فكما قلت لك في أول فترة انتقلت فيها إلى عمّان لم أكن أعرف ما هي المدة التي سوف أقضيها هناك بسبب أمور التأشيرة، فلم أستطع توقيع عقد سنوي للإنترنت؛ لأن خدمات الإنترنت الجيدة في عمّان كانت تتطلب توقيع عقد سنوي، فكان الإنترنت سيئًا وكنت اضطر إلى إجراء اتصالات دولية على حسابي لعقد الاجتماعات. استسلمت فيما بعد للأمر الواقع ووقعت عقد اشتراك سنوي ولكنني لم أُكمل 4 أو 5 أشهر تقريبًا؛ فقد غادرت إلى كندا، واضطررت إلى دفع غرامة. وبشكل عام الإنترنت في الأردن كان جيدًا وعندما وقّعت العقد أصبح ممتازًا جدًا.
من ناحية العمل معهم أو التواصل أو تحميل أشياء من الإنترنت.
المكان الذي كنت أرتاده كان يمزج بين الاثنين، فكان مقهى وفي نفس الوقت يوجد فيه مساحة جانبية لمكتب، وأيضًا يوجد جلسات وخيارات أخرى مثل غرف الاجتماعات والمكاتب المفتوحة، فكنت أُفضّل هذا المكان لأنك تستطيع اختيار المكان الذي تريده، فيمكنك الجلوس في المكتب المغلق الذي يُطل على المكان المفتوح؛ لتتمكن من مشاهدة الناس، ويمكنك أيضًا الذهاب إلى غرفة الاجتماعات إن كان لديك اجتماع مهم مثلًا.
نعم تساعدهم جدًا، وفكرتها رائعة جدًا.
نعم صحيح، على ذكر سلاك (Slack) فقد كانت أكثر أداة مهمة وخصوصًا إذا كان معك إنترنت تقنية 3 جي (G3)؛ لتتمكن من إرسال أي شيء لأي شخص، فشكّل سلاك (Slack) فرقًا كبيرًا في الإنتاجية، والجميل فيه أنه ليس بريدًا إلكترونيًا بل ما زال خاصًا بالفريق؛ فيخفف هذا من رسمية البريد الإلكتروني. وله جانب شخصي أكثر فمثلًا كل واحد تصله رسالة إلى بريده الإلكتروني الخاص، وأنا معظم عملي أكواد (Codes)؛ فلا اضطر إلى شرح أي شيء، وإذا اضطرت لذلك سأشرح في شرائح قصيرة. وكان هناك برنامج آخر استخدمه أيضًا مع الذين أعمل معهم، حيث يُمكّنك البرنامج من تعديل الأكواد (Codes) عليه ويستطيع الشخص الذي تعمل معه أن يرى هذه التعديلات. أيضا تريلو (Trello) ساعدني كثيرًا في إنجاز المهام ومعرفة المرحلة التي نصل إليها في العمل.
لم تستخدم الشركة هذا النوع من الاتصال كثيرًا، وبحكم الإنترنت السيء الذي كان لدي في البداية فلم استخدم الفيديوهات (Videos)، ولم تكن هذه الطريقة في التواصل مفيدة من ناحية جودة العمل أو تقطيع الفيديوهات (Videos) وجودتها. بشكل عام وخلال فترة عملي معهم عن بعد لم نجري ربما سوى محاثة فيديو (Video) واحدة أو اثنتين، وكنت أستعمل فيها السبورة البيضاء (The whiteboard) لشرح عدة أمور للبعض.
التكنولوجيا موجودة، فقبل فترة أصبح هناك الجوجل ويب آر تي سي (Google WebRTC) والتقنية الخاصة بهم كيو يو آي سي (QUIC)، هذه التقنيات ممتازة وموجودة منذ فترة، ولكن الحواجز كبيرة جدًا؛ فهي ليست تقنية بل سياسية وأمنية فالحكومات تتحكم في هذا الأمر لأن الدولة تتحكم في شركات الاتصالات الكبيرة؛ فيكون هناك نوع من الاحتكار ولا يكون من مصلحتهم أن تتحسن الأمور، فيعملون على زيادة الضغط على الإنترنت وزيادة أو تقليل جودة اتصالات الفيديوهات (Videos) وسرعة الإنترنت، وهي ليست مشاكل تكنولوجية بشكل عام، ربما يوجد البعض منها ولكن المشاكل الأساسية في شركات الاتصالات الكبيرة.
كلام سليم 100%، وعلى فكرة هذه المشكلة موجودة في كل مكان حتى في كندا، صحيح أنها أقل وطأة ولكنها ما زالت موجودة. سرعة الإنترنت هي أول ما تأكدت منه عندما استأجرت شقتي، فيجب أن تكون 50 ميجا بايت (MB50) على الأقل. تحققت أيضًا من تعامل مقدمي خدمة معينة؛ فهناك مقدمين سيئين والأمر فعلًا يؤثر كثيرًا على عملي. وتُحتِّم عليّ طبيعة عملي كمبرمج أن يكون الإنترنت سريعًا لتحميل أي شيء يهمني، بالأخص إذا كنت أعمل على مشروع خاص بي.
أعتقد أنّ مجال الآي تي (IT) فيه نقص كبير جدًا بشكل عام في الدول الأجنبية، أما القطاعات الأخرى فمن الصعب أن أحدد لأنني لا أعرف طبيعة العمل هناك وطبيعة سوق عملهم، ولكن استطيع إعطاؤك بعض المعلومات عن قطاع الآي تي (IT) ذو الفرص الكبيرة جدًا؛ ففي المنطقة يوجد الكثير من الكفاءات ولكن عليك عرض عملك على الناس، فأنا ألاحظ مثلًا أن الشركات هنا في كندا تُقضِّل أن توظِّف شخصًا يعمل عن بعد على توظيف شخص يعمل في الشركة؛ لأنها سوف تصرف الكثير في عملية البحث والتوظيف... إلخ، خصوصًا مع الإجراءات الأخيرة الصعبة في الحصول على التأشيرات لبعض الدول. أنا أرى بأن هناك فرصًا عظيمةً وكثيرة في الوقت الحالي، وأعتقد أن هناك الكثير من مواقع العمل عن بعد كفريلانسر (Freelancer) وبيهانس (Behance) وغيرها. ولا يجب أن تحدد رواتب قليلة بسبب العمل عن بعد؛ فمصطلح العبودية الإلكترونية موجود، حيث أن بعض جهات العمل تجبر من يعمل معها أن يفتح الكاميرا (Camera) مثلًا أثناء العمل للتأكد من عمله، وهذا الأمر مرفوض لأن من يطلب ذلك إما أنه شخص سيء أو أنه لا يرى أني شخص كفؤ و أن أعمالي ليست بالمستوى المطلوب، وأنا شخصيًا لا أرضى بهذا؛ لأن أساس العمل هو الثقة، لذا لن أعمل معه بكلتا الحالتين. هناك الكثير من المجالات ويجب أن تدخل بحذر، ولكن لديك المجال لكي تعرض أعمالك ومشاريعك خصوصًا للمبرمجين؛ فيمكنك المشاركة في مشروع معين ثم تقوم برفعه لكي يراه كل الناس. لابد أن تعرض أعمالك؛ فلن تصدق كمية الناس الذين سيقومون بتصفحها. أيضًا لا توجد أي شركة آي تي (IT) في العالم لا تستخدم اللينكس (Linux) وهناك أكثر من أداة فيه، فيقومون بالبحث عن النقص الموجود في الأدوات التي لديهم ثم يبحثون عن أشخاص يعملون على تطوير هذه الأدوات.
نعم بكل تأكيد، فقد كانت تجربتي في العمل عن بعد بسبب الأوضاع السياسية في اليمن ووجدت فرصة عمل في مجال أحدث التقنيات (Cutting-Edge Technology) وهو المجال الذي أحبه. الفرص موجودة ولكن هناك صعوبات كثيرة سوف تواجههم خصوصًا في المنطقة لدينا بسبب الأوضاع السياسية أو الاقتصادية، ولكن لا تجعل هذا الشيء يوقفك فهذه فرص ذهبية لا تفوتها، بالتحديد كما ذكرت في مجال أحدث التقنيات (Cutting-Edge Technology)؛ فمن الصعب أن تجدها في المنطقة. وهناك فرص في برمجة وكتابة الهاردوير درايفر (Driver Hardware)، وأيضًا في برمجة الأندرويد (Android). ولكن هناك فرق فمثلا لو أردتُ أن أعمل في مجال برمجة الأندرويد (Android)؛ فيجب الأخذ بعين الاعتبار أن ثقافة الشرق الأوسط هي عمل تطبيقات تعرض محتوى وليست خدمات مثل دروب بوكس (Dropbox) الذي لا يقدم محتوى بل خدمة وهو برنامج ضخم ينقل الملفات... الخ، وليس تطبيقًا للطبخ مثلًا. فمعظم الأشخاص في المنطقة يفكرون هكذا حول البرمجة بشكل عام، ولا يُنقِص ذلك من أهمية المحتوى ولكن هناك فرق بين العمل في المحتوى و بين العمل على بروتوكول ( Protocol) أو ذكاء اصطناعي، فكم شركة في الشرق الأوسط تعمل في مجال الذكاء الاصطناعي تقوم بإجراء الأبحاث حوله بالنسبة للخارج؟
نعم صحيح.
شكرا جزيلًا لك عبد الرحمن على هذه الفرصة وشكرًا للمتابعين وأتمنى أن نلتقي في مقابلات أخرى.